(9)

(10)

لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)، فوعد الهداية بالجهاد، وقال - تعالى -: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) ثم كانت الإجابة مضمنة شريطة، وهي أن يستجيب له الداعي فيما دعاه إليه؛ ألا ترى إلى قوله - تعالى -: (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، وقال - تعالى -: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ)، وقال: (إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ. . .) الآية؛ فثبت أن الذي يلهم التقوى هو الذي يقوم بوفاء ما عليه، فإذا قام به ألهمه التقوى، وبين له سبيل الفجور.

وقال أبو بكر الأصم في قوله: (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا)، أي: ألزمها فجورها وتقواها؛ فتكون تقواها لها، وفجورها عليها، لا يؤخذ أحد بفجور أحد، وفي هذا دليل على أن التقوى إذا ذكر مفردا انصرف إلى الخيرات أجمع، وإذا قرن به البر والإعطاء، انصرف إلى الاتقاء عن المحارم، كقوله - تعالى -: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى. وَصَدَّقَ. . .)، وإذا قيل: بر، واتقى، أريد به: أنه بر بكل ما يحمد عليه، واتقى عن كل ما يذم عليه فاعله.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10):

فموقع ما تقدم من القسم بالشمس والقمر والليل والنهار على هذا، فقوله: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) في الآخرة (وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) في الآخرة؛ فيكون هذا منصرفا إلى الجزاء في الآخرة؛ على ما يذكر في قوله: (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى)؛ فيكون في هذا إيجاب القول بالبعث من الوجه الذي نذكره، إن شاء اللَّه تعالى.

ثم اختلفوا في تأويل الفلاح:

قَالَ بَعْضُهُمْ: أفلح، أي: سعد.

ومنهم من يقول: أي: بقي في الخيرات، والفلاح: البقاء.

ومنهم من يقول: أفلح، أي: فاز، والمفلح في الجملة هو الذي يظفر بما يأمل، وينجو عما يحذر؛ فيدخل في ذلك السعادة والبقاء والفوز.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَنْ زَكَّاهَا): جائز أن يكون منصرفا إلى اللَّه تعالى.

وجائز أن ينصرف إلى العبد، قال اللَّه - تعالى -: (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015