الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ)، ففي هذا إخبار أن المعذب منهم إذا رأى عدوه يعذب عذابه، ويكون في العذاب الذي هو فيه لم يتسل بذلك شيئا، ولم ينل به راحة، وإن كان المرء في الدنيا إذا رأى عدوه يعذب عذابه يتسلى بذلك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) وقرأ بعضهم: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سألت) وهذا هو الظاهر أن تكون هي السائلة، أي: تسأل إياهم: بأي ذنب قتلت؟! وتقول: بأي ذنب قتلتموني؟!.
وكانت العرب تدفن بناتها، يقال: وأدته: أي: دفنته.
ثم القراءة المعروفة: (سُئِلَتْ)، وهي تحتمل أوجها ثلاثة:
أحدها: ذكر أبو عبيد وقال: إن قتلتها تسأل: بأي ذنب قتلت الموءودة؟!.
والثاني: يحتمل أن تسأل الموءودة عند حضرة الذين وأدوها: بأي ذنب قتلْتِ؟! يراد بالسؤال تخويف وتهويل للذين وأدوها، لا سؤال استخبار واستفهام، وهو كقوله - تعالى -: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ)، وليس يسأل عن هذا سؤال استخبار واستفهام، ولكن يسأل سؤال تخويف وتهويل لمن ادعى أن عيسى - عليه السلام - هو الذي أمرهم أن يتخذوه وأمه إلهين من دون اللَّه.
والثالث: جائز أن تسأل الموءودة: أتدعي أو لا تدعي؟ وما الذي تدعي عليهم؟ فيبدأ بها بالسؤال، كما يرى المدعي في الشاهد هو الذي يبدأ بالسؤال، فيقال له: ما تدعي على هذا؟ فقوله: (بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) كأنها إذا سئلت عن الذي ادعت، قالت: (بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) أي: الكتب نشرت للحساب، وهي التي فيها أعمال ابن آدم وقتما تدفع إليهم بأيمانهم وشمائلهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11) قيل: قشرت، وذلك أن تتناثر النجوم، وتطمس الشمس، فتطوى كطي السجل للكتب.
وقيل: كشفت، تكشف السماء، كما يكشف الغطاء عن الشيء.