(38)

وما المنفعة لهم في طعنهم عليك سوى استحقاقهم المقت والهلاك بذلك من اللَّه تعالى، وما يرجون بإعراضهم عن تصديقك بعدما رأوا الآيات.

ومن حمله على النظر، فمعناه: أنهم كانوا يجلسون من بعيد، فينظرون إلى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه ويطعنون عليه بالسحر والافتراء، وأنه من أساطير الأولين، فيمكرون، بمن يقتدي برسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ومن يعاديه من الكفرة.

فإن كان على هذا فتأويله كأنه يقول له: يجلسون من البعد ناظرين إليك، ولا يدنون منك؛ ليستمعوا ما أنزل إليك فينتفعوا به، لكنهم متفرقون عن اليمين وعن الشمال، يصدون الناس عن مجلسك، وقد علموا أن لهم إلى من يعلمهم الكتاب والحكمة حاجة؛ إذ ليس عندهم كتاب ولا علم بالأنباء المتقدمة؛ ليعلموا أنك جئت بالعلم والحكمة دون السحر والكهانة.

فإن كان على هذا الوجه؛ فالعتاب لمكان التحريف والتبديل، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (38) قوله: (أَيَطْمَعُ) حرف استفهام، وقد ذكرنا أن حرف الاستفهام ممن لا يَستِفْهم إيجابٌ.

ثم اختلف في وجه الإيجاب:

فمنهم من يقول: معنى قوله: (أَيَطْمَعُ)، أي: لا يطمع كل امرئ منهم بعبادتهم الأصنام والأوثان أن يدخلوا جنة نعيم؛ إذ هم منكرون للبعث والجنة والنار، ثم مع هذا ينصرون الأصنام ويعبدونها، ويخضعون لها، وإن كان لا طمع لهم في نصرها إلى شيء في العاقبة، ولا يرجون منها العواقب؛ فيكون في هذا ترغيب للمؤمنين على القيام بنصر رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنهم يطمعون في نيل الجنة والكرامة من اللَّه تعالى والنجاة من النار بنصرهم رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وبعبادتهم لله تعالى، كأنه يقول: إنهم لا يطمعون نيل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015