(1)

سُورَةُ الْمَعَارِجِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى: (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (5) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7) يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9) وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (14) كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17) وَجَمَعَ فَأَوْعَى (18).

قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرِينَ) قرئ بتسكين الألف، ومعناه: سَالَ واد بعذاب واقع للكافرين، أي: جرى واد بعذاب واجب.

والقراءة العامة بالهمزة من السؤال، وتأويله على سؤال القوم العذاب بقولهم: (إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)، وقولهم: (عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا).

وقيل: هو النضر بن الحارث، سأل ذلك، فقتل يوم بدر بعدما أسر؛ هكذا قال بعض أهل التأويل.

ولكن عندنا أن هذا وإن كان في الظاهر خارجًا مخرج السؤال، لكن لم يكن سؤاله هذا لينزل به العذاب في التحقيق، وإنَّمَا هذا منه على جهة الاستبعاد بالعذاب والاستهزاء برسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، والذي حملهم على الاستبعاد والإنكار هو أنه كان عند أهل مكة: أنه لو كان فيهم نبي، لكانوا هم أحق بالنبوة من رسول اللَّه - عليه السلام - لأنهم هم الذي بسطت لهم الدّنيا، وهم الذين لهم نفاذ الكلام في البلاد، ورسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لم تبسط له الدنيا، ولا كان لكلامه فيما بينهم نفاذ، فيظنون بهذا أنهم أقرب منزلة عند

طور بواسطة نورين ميديا © 2015