يقرون بالمحنة في الدنيا، والمحنة تكون من الرجاء والخوف، وقد رجوتم إنزال الرزق عليكم من السماء، ورجوتم أن يخرج لكم من الأرض ما تتعيشون به وترزقون منه؛ فكيف لا تحذرون نزول العذاب عليكم من السماء أو إتيانه من الأرض، كما رجوتم النفع منهما جميعًا؟!

والثالث: أنكم إذا أنكرتم الرسول وجحدتموه، وقد انتهى إليكم حال من سبقكم من مكذبي الرسل، كيف عذبوا واستؤصلوا: فمنهم من أهلك بإمطار الحجارة عليه من السماء، ومنهم من أهلك بالخسف بالأرض، فكيف أمنتم أنتم أن ينزل عليكم ما نزل بهم وقد أوجدتم أنتم وتعاطيتم ما تعاطاه الذين أهلكوا من التكذيب؟!

ثم قوله: (مَنْ فِي السَّمَاءِ) أراد نفسه تعالى، أخبر أنه إله السماء، لا على تثبيت أنه في الأرض سواه وعلى النفي أن يكون هو إله الأرض، بل هو في السماء إله وفي الأرض إله؛ وهو كقوله تعالى: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ) ليس فيه أن النجوى إذا كانت بين اثنين فهو لا يكون ثالثهم.

وجائز أن يكون قوله: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) أي: أأمنتم من في السماء ملكه وسلطانه، ولم تروا أحدا انتهى ملكه إلى السماء، فكيف تأمنون ممن بلغ ملكه السماء؛ فكيف تأمنون مكره وتعادونه، وأنتم لا تجترئون على معاداة ملك من ملوك الأرض، الذي لا يجاوز ملكه الأرض؛ هيبة منه وخوفًا من سلطانه، فكيف تأمنون عذاب من بلغ ملكه ما ذكرنا؟!

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَإِذَا هِيَ تَمُورُ).

قيل: تهوي في الأرض أبدًا إلى أسفل السافلين.

وقيل: تمور بأهلها في قعرها على ما كانت من قبل تمور على ظهرها قبل أن توتد بالجبال، والحاصب: الحجارة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015