ترتفع إلا بالكفارة، ولا يؤمر هو بالكفارة مقصودًا، ولكن إذا أراد الاستمتاع بها يقال له: ليس لك ذلك إلا بالكفارة، فإذا كان كذلك فإذا أدى بعضها، ثم ماسها، ثم أدى البقية - لم يصر ما أدى بعد المماسة؛ فضاعف الوقت الذي قبل المماسة، فإذا لم يصر قضاء عن ذلك جعل كالنص إنما جاء في هذه الحالة: أن حرروا رقبة قبل أن تماسوا ثانيًا، وصوموا شهرين متتابعين إذا أردتم العود إليها؛ ولذلك قال - عليه السلام - للمظاهر الذي جامع امرأته: " استغفر اللَّه، ولا تعد حتى تكفر ".

لكن يدخل على هذا أمر الطعام أنه إذا أطعم بعض لطعام، ثم ماسها لم يلزمه الاستقبال، والعبارة التي ذكرناها توجب الاستئناف، لكن يستحسن في الطعام؛ لأن الطعام وقع في الأصل متفرقًا؛ إذ لو أطعم بعضه للحال وبعضه بعد سنة فإنه جائز من ذي الجهة، لكن يدخل عليه الإعتاق عند أبي حنيفة - رحمه اللَّه - فإنه إذا أعتق بعضه للحال وبعضه بعد سنة يجوز أيضًا، ومع ذلك إذا وجد المسيس فيما بين ذلك يلزمه الاستئناف.

وما ذهب إليه أبو يوسف - رحمه اللَّه - من حمل الآية على بيان الوقت لا يصح؛ لأنا لو حملنا تأويل الآية على الوقت نفسه، لا فائدة تقع في الآية؛ لأن معرفة وقت ذلك ثابتة بدلالة العقل، وذلك أن قد علمنا إيجاب الحرمة بالظهار، وعلمنا أن تلك الحرمة لا ترتفع إلا بالكفارة؛ فصار وقت الحل بذكر الحرمة معلومًا؛ ولذلك هذا في جميع الحرمات من الطلاق وغيره أنه لا يرتفع إلا بسبب رفعه؛ فلو حمل تأويل الآية على بيان الوقت لم تفد شيئًا، ولو حمل على بيان إخلاء الكفارة عن المسيس، وعلى نفي المسيس في خلال الكفارة تفيد فائدة جديدة؛ فيكون هذا التأويل أحق وأولى.

ثم في الآية دلالة بأن ليس ذلك على بيان الوقت، وهو قوله - تعالى -: (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا)، ثم ذكر في العتق والصوم ترك المماسة، ولم يذكر ذلك في الإطعام، ولو كان ذلك على جعل الوقت له لكان يذكر فيه المماسة؛ إذ الكفارة إذا كانت عن شيء واحد لا يختلف فيه أوقاتها، بل يكون وقتها واحداً، ولا يقال: إنما لم يذكر الوقت في الإطعام؛ لأن ذكره في العتق والصوم: ذكره في الإطعام؛ لأنه من أنواع هذه الكفارة؛ فذكر الوقت في بعض يكون ذكرًا في الباقي، فإذا أدى بعضه في الوقت وبعضه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015