إلى اللَّه تعالى، ودعت، وتضرعت؛ حتى أنزل اللَّه تعالى على رسوله الآية فيها، وجاءت الرخصة لهما بالاجتماع بعد التكفير على ما ذكر في الخبر، واللَّه أعلم.
ثم قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا)، أي: سمع لها بما أجاب وأغاث بالفرج فيما اشتكت إليه، وسمع لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بما أبان ما ظهر له من الحكم في الحادثة التي أشبهت عليه، وأشكل عليه ذلك.
ثم اختلفت الأخبار في أمرهما - أيضا - حيث دعا رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أوسًا، وأخبره بالآية التي نزلت في أمرهما:
[قال القرطبي] (?): لما نزلت الآية دعا زوجها أوسا، فقال له: " أعتق رقبة "، قال: ما عندي رقبة أعتقها، قال: " فصم شهرين "، قال: ما أستطيع يا رسول اللَّه، إني لأصوم يوما واحدا فيشق عليَّ، فكيف صوم شهرين متتابعين؟ قال: " فأطعم ستين مسكينا "، قال: فنعم، قال: فأطعم ستين مسكينا فأمسكها.
وفي رواية أخرى ذكرها الكلبي: لما نزلت رخصتهما أرسل رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إلى أوس ابن الصامت فأتاه، فقال: " ويحك ما حملك على ما صنعت وقلت؟ " قال: الشيطان يا رسول اللَّه؛ فهل من رخصة تجمعني وإياها؟ قال: " نعم "، وقرأ عليه هذه الآيات الأربع، وقال له: " هل تستطيع أن تعتق رقبة؟ " قال: لا واللَّه يا رسول اللَّه، إن المال لقليل غير كثير وإن الرقاب لغالية، قال: " فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ " قال: لا واللَّه يا رسول اللَّه، لولا أني آكل في يوم ثلاث مرات لكلَّ بصري، ولظننت أني سأموت، قال: " فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا؟ " قال: لا واللَّه يا رسول اللَّه، إلا أن تعينني فأعانه عليه السلام بخمسة عشر صاعا، وأخرج أوس من عنده خمسة عشر صاعا فتصدق به على ستين مسكينا، فجمع اللَّه بينه وبينها.
وذكر في خبر آخر أن رجلا كان ظاهر من امرأته، وكان هو يصوم عنه، فواقع امرأته في وقت الصوم، فأتى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فأخبره بذلك، [فعابه] رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - على فعله، ثم أمره بأن يكفر بما وصفنا من الكفارات، فقال في كل واحدة: لا أستطيع قال: فأمره - عليه السلام - أن يأتي موضع كذا إلى أبي زريق، ويأخذ منه وسقا من التمر، فيعطي ستين مسكينا كل مسكين ينفقه على عياله، ذكر في الإطعام في خبر: " لا أستطيع "، وفي