(58)

(60)

أزواجهن، ولا غيرهم إليهن؛ حيث وصفهن بأنهن قاصرات مقصورات في الخيام.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ)، قرئ: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ) بضم الميم وكسره.

قال الفراء: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ)، أي: لم يقبضهن، والطمث: النكاح بالرومية.

وقال أهل التأويل: لم يجامعهن إنس قبلهم ولا جان.

وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: أي: لم يمسسهن إنس في التربية كما يربى الأولاد، ولا جان على ما تمس الجن الأولاد فيفسدوهم، ولكنهم كما وصف: (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً. فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا. عُرُبًا أَتْرَابًا. لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ. ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ).

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58) قال أهل التأويل: شبههن بالياقوت؛ لصفائهن، وبالمرجان؛ لبياضهن، وهو كما قالوا، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) قيل: هل جزاء الإحسان في الدنيا إلا الإحسان لهم في الآخرة؟ أي: هل جزاء فعل الحسن في الدنيا إلا إعطاء الحسن في الآخرة، وهي الجنة.

ولكن غيره كأنه أقرب، أي: هل جزاء إحسان اللَّه تعالى بما أنعم عليهم في الدنيا إلا الإحسان له بالشكر والقبول، أي: الإتيان بفعل الحسن، وهو الشكر له، وحسن القبول؛ لأنه ليس يستوجب أحد قِبَلَ اللَّه تعالى بإحسانه في الدنيا جزاء في الآخرة، إنما الجزاء لهم بحق الفضل والإنعام، لا بحق الاستحقاق.

ويحتمل أن يكون تأويله: هل جزاء الإحسان في الدنيا إلا الإحسان له في الآخرة، واللَّه أعلم.

واستدل أبو يوسف ومُحَمَّد - رحمهما اللَّه - بهذه الآية على أن للجن ثوابا؛ كما للإنس؛ فإنه جرى الخطاب من أول السورة إلى آخرها للجن والإنس من قوله: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ)، وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ)؛ فعلى ذلك يشتركون في الوعد والوعيد.

لكن أبو حنيفة - رحمه اللَّه تعالى - يقول: لا ثواب للجن في ذلك من نحو الفواكه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015