القسمة، فأما في الماء في ذلك الموضع عزة؛ لما يسقون من الآبار؛ فلذلك جعلوا الماء بالقسمة، واللَّه أعلم.
وفيه: أن المياه إذا ضاقت قسمتها بالأجزاء تقسم بالأيام؛ من حيث جعل لها شرب يوم معلوم، ولهم شرب يوم معلوم.
وفيه: أن الماء وإن كان عينا فهو كالمنفعة في جواز قسمتها بالأيام.
ثم قوله: (وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ) جائز أن يكون الخطاب لصالح - عليه السلام - أمره أن ينبئ قومه: أن الماء قسمة بينهم وبين الناقة.
وجائز أن يكون الخطاب به لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، أمره أن يخبر قومه: أن الماء كان قسمة بينهم وبين الناقة، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (29) أضاف العقر هاهنا إلى واحد، وفي رواية أخرى أضافه إلى الجماعة، وهو قوله: (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ)، وقال في موضع آخر: (فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ)؛ فيكون ظاهر هذه الآيات على التناقض؛ من حيث ذكر الفرد والجماعة.
وفيه تناقض من وجه آخر؛ فإنه ذكر في آية: (وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا)، وقال في موضع: (فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ)، ذكر الندامة، وهي خلاف العتو.
لكنا نقول: لا تناقض، ولا اختلاف عند اختلاف الأحوال والأوقات، فقوله: (وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ)، قبل أن ينزل بهم العذاب، وقوله: (فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ)، إذا نزل بهم العذاب، والتناقض في وقت واحد في حال واحد، وكذلك العقر من واحد على الحقيقة، لكن إنما أضافه إلى الجماعة؛ لأنه عقر بمعاونتهم.
أو الواحد هو الذي طعنها، ثم اجتمعوا، فعقروا جميعا، ونحو ذلك؛ فثبت أنه لا تناقض.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (فَتَعَاطَى) وتناول، (فَعَقَرَ) أي: ضرب عرقوبها؛ أي: ساقها.
وقيل: العقر: قد يكون جرحا، وقد يكون قتلا.
وقوله: (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (31) يحتمل: أي: أرسلنا عليهم العذاب قدر صيحة واحدة، يخبر عن سرعة نزول العذاب ووقعه عليهم.
ويحتمل أن يكون أرسل عليهم الصيحة، وأهلكهم، وصاروا كما ذكر من هشيم