(22)

أحدها: أن يقول: أهَؤُلَاءِ الذين تعبدونهم -من اللات والعزى ومناة- أخبروكم، وقالوا لكم: إنه اصطفى لنفسه البنات، ولكم البنين، وأن الملائكة بنات اللَّه، ونحوه؟ أخذتم ذلك منها أو ممن أخذتم ذلك، وأنتم قوم لا تؤمنون بالرسل والكتب؟ وقد عرفوا أنها لم تخبرهم بذلك، فيذكر بذلك سفههم، ويقول: (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى. وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى) التي سميتموها: آلهة، وعبدتموها دون اللَّه، ونسبتكم البنات إليه، والبنين إلى أنفسكم، ثم لم يذكر جوابها: أنه مَنْ أمرهم بذلك؟ ومن اختار لهم ذلك؟ أو ممن أخذوا ذلك؟

ثم قال: (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ. . .) الآية؛ كأنه يقول واللَّه أعلم: إنكم سميتموها: آلهة، واخترتم لأنفسكم البنين وله البنات بلا سلطان ولا حجة لكم، إنما هي أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم بلا حجة ولا سلطان، إنما هو هوى النفس والظن.

ويحتمل أن يقول: (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى. وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى)، أمروكم بصرف شكر ما أنعم اللَّه تعالى عليكم، وقبول ما وهب لكم من البنات؛ على ما أخبر أنها من مواهب اللَّه بقوله تعالى: (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ)، وبرد مواهبه، ودفنها حيات، ودسها في التراب، وبصرف العبادة إلى غير المنعم، وقسمة البنين لأنفسكم والبنات له.

ثم أخبر، وقال: (تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) أي: تلك قسمة جور وظلم؛ أي: صرف شكر المنعم إلى غير المنعم، وتوجيه العبادة إلى من لا يستحقها، ورد مواهبه.

على هذه الوجوه يشبه أن تخرج الآية، وإلا فلا ندري بظاهرها: ما تأويلها؟ وما جواب هذا الحرف؛ واللَّه أعلم.

ثم قوله: (اللَّاتَ) قرأ مجاهد وغيره مشدد التاء، فقالوا: هو رجل كان يقوم على آلهتهم، ويلت لها السويق بالزيت، فيطعمه الناس.

[وروى ابن الجوزي] (?) عن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: " كان يلت السويق للحاج ".

ومن قرأه مخفف التاء جعله اسم الصنم؛ مثل: العزى، ومناة، وهي آلهة كانوا يعبدونها؛ ذكر قتادة في تفسيره: كان اللات بالطائف، والعزى ببطن نخلة، ومناة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015