وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا).

أي: بمنظر وعلم منا، فإن كان الأمر بالصبر على القيام بتبليغ الرسالة إلى من ذكرنا؛ فيخرج قوله: (فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) مخرج وعد النصر والمعونة؛ كقوله تعالى: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ).

وإن كان الأمر بالصبر على ترك مكافأتهم، أو على القيام بالأمور التي فيما بينه وبين ربه تعالى؛ فيصير كأنه قال: على علم منا بما يكون منهم من التكذيب والاستهزاء والأذى، كلفناك، لا عن جهل منا بذلك، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ).

أي: نزهه عن معاني الخلق، وعما لا يليق، واذكر الثناء عليه بما هو أهله.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (حِينَ تَقُومُ).

يحتمل: حين تقوم من مجلسك، أو من منامك، أو حين تقوم للتعيش والانتشار.

فإن كان المراد: حين تقوم من مجلسك؛ فيكون التسبيح ما ذكر في الخبر عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " من جلس مجلسا كثر فيه لغطه، فليقل قبل أن يقوم من مجلسه: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، غفر له ما كان في مجلسه ذلك " ولم يذكر الآية.

وإن كان المراد: حين تقوم من منامك، فجائز أن يكون المراد منه: الصلاة.

وإن كان حين تقوم للانتشار والتعيش؛ فيصير كأنه أمر بالتسبيح بالنهار في وقت الانتشار؛ وعلى هذا قوله: (وَمِنَ اللَّيْلِ) أي: سبح بالليل في وقت الراحة، فيصير كأنه قال: وسبح بحمد ربك في الأوقات كلها، بالليل والنهار، في وقت الراحة، وفي وقت الانتشار.

وروى الضحاك عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) تقول في الصلاة المفروضة قبل أن تكبر: " سبحانك اللهم وبحمدك. . . " إلى آخره.

وروى الضحاك: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كان إذا دخل في الصلاة، قال ذلك؛ وذلك قوله تعالى: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ).

وروى أبو سعيد وعائشة - رضي اللَّه عنهما - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه كان إذا افتتح الصلاة قال: " سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015