قلة كما كان أول الزرع دقيقًا، ثم زاد نبت الزرع، فغلظ، (فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ)، كما آزر المؤمنون بعضهم بعضًا حتى استغلظوا واستووا على أمرهم كما استغلظ هذا الزرع واستوى على سوقه.

ثم اختلقوا في الشطاة:

قال أَبُو عَوْسَجَةَ: هو قصب الزرع؛ أي: صار له واسط الزرع؛ أي صار له ورق، (فَآزَرَهُ) أي: قواه، (سُوقِهِ) جمع: ساق.

وقال أبو عبيدة: شطأ الزرع: فراعه وصغاره؛ يقال: قد أشطأ الزرع فهو مشطئ إذا فرع.

وقال الفراء: (شَطْأَهُ) أي: سنبله، ينبت الحبة عشرًا وتسعًا وثمانيًا (فَآزَرَهُ) أي: أعانه وقواه.

وقوله: (فَاسْتَغْلَظَ) أي: غلظ (فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ) جمع ساق، ومنه يقال: قام كذا على سوقه إذا آذرته وتناهى وبلغ الغاية؛ يقول - واللَّه أعلم -: كما أن الزرع إذا قام على السوق فقد استحكم، فهذا مثل ضربه اللَّه - تعالى - لنبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أي: خرج وحده، فأيده بأصحابه، فقوى واشتد كما قويت الساق من الزرع بما نبت منها حتى غلظت وعظمت واستحكمت، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) قَالَ بَعْضُهُمْ: الزراع هو محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يعجب محمدًا ما رأى من أصحابه والمؤمنين، ويغيظ الكفار ذلك، من الغيظ، وهو كقوله - تعالى -: (مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. . .) إلى قوله: (هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ).

وقَالَ بَعْضُهُمْ: الزراع: هو صاحب الزرع، إذا كثر جوانبه ووالياته، وينبت (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ)؛ أي: يغيظ ذلك سائر الزراعين.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: كما يعجب الزراع حسن زرعه حين استوى قائمًا على ساقه، فكذلك يغيظ الكفار كثرة المؤمنين واجتماعهم.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: هم الزراع، سموا كفارًا؛ لأنهم يكفرون، أي: يسترون البذر في الأرض، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ) من بين غيرهم من الناس (مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)، واللَّه أعلم.

وفيه نقض قول الباطنية والروافض - لعنهم اللَّه - لقولهم: إنهم بعد وفاة رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015