وقَالَ بَعْضُهُمْ: الكفارة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الإثم والذنب؛ أي: يصيبكم منهم الإثم بقتلكم إياهم؛ وهذا لا يحتمل؛ لأنهم إذا قتلوهم وهم لا يعلمون، لا يلحقهم الإثم والذنب؛ لأن اللَّه - تعالى - وضع الإثم عنا فيما لا نعلمه، ولم يضع طريق العلم به، قال اللَّه - تعالى -: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ).
وعندنا يخرج على وجهين:
أحدهما: أي: فيصيبكم من الكفرة وأهل النفاق ما يسوءكم بقتلكم إياهم من اللائمة، والتعيير، وغير ذلك من القيل والقال؛ يقولون: إنهم قتلوا أصحابهم ومن كان على دينهم من أهل الإسلام؛ فيجدون بذلك سبيلا إلى ما ذكرنا، فيسوءكم ذلك، واللَّه أعلم.
والثاني: يصيبكم الأسف والحزن والندامة الدائمة بقتلكم أهل الإيمان وأهل الإسلام إذا علمتم أنكم قتلتم أصحابكم وأهل دينكم، واللَّه أعلم.
ثم المخالف لنا تعلق بهذه الآية في مسألتين:
إحداهما: فيمن أسلم ولم يهاجر إلينا: أنه تجب الدية في قتله؛ لقوله - تعالى -: (فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ) وهي غرم الدية.
والثانية: هل يباح الرمي على حصون المشركين إذا كان فيها أسارى المسلمين وأطفال المسلمين، وإحراق الحصون أو الرمي على الكفار الذين تترسوا بأطفال المسلمين؟
قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومُحَمَّد وزفر والثوري: لا بأس برمي حصون المشركين وإن كان فيهم أسارى المسلمين وأطفالهم، ولا بأس بأن يحرقوا الحصن ويقصدوا به المشركين دون المسلمين، وكذلك إحراق سفينة الكفار إذا كان فيها أسارى المسلمين.
وقال مالك: لا يحرق سفينة الكفار إذا كان فيها أسارى المسلمين.
وقال الأوزاعي: إذا تترس الكفار بأطفال المسلمين، لم يرموا، ولا يحرق الحصن، ولكن لا بأس بأن يرمى الحصن بالمنجنيق، ونحو ذلك.
وقال الشافعي: لا بأس بأن يرمى الحصن وفيه أسارى وأطفال المسلمين، ولو تترسوا بهم فله قولان.
واحتج هَؤُلَاءِ بأن من عادتهم أنهم كانوا يعبدون ما يهوون ومالت إليهم أنفسهم من الأصنام والأوثان وغيرها، وينصرون من عبدوها، ويدفعون عنهم فيذبون عنها، فجائز أن