فعلى هذه الوجوه التي ذكرنا كانت آيات الرسل - عليهم السلام - واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ).
قَالَ بَعْضُهُمْ: الحكمة - هاهنا - هي الإنجيل، وقد ذكر في آية أخرى الكتاب والحكمة؛ حيث قال: (وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ).
ثم جائز أن يكون الكل واحدًا.
وجائز أن يكون الكتاب: ما يكتب ويتلى والحكمة: ما أودع في المتلو والمكتوب من المعنى، واللَّه أعلم.
ويحتمل أن تكون الحكمة راجعة إلى كل ما يوجب العقل للقول به وقوله، وقد ذكرناه فيما تقدم، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ).
قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: أبين لكم كل الذي تختلفون فيه؛ إذ لا يجوز أن يبين بعضًا ويترك البيان لبعض، وقد يذكر البعض ويراد به الكل؛ نحو ما يقال في كثير من المواضع: الخطاب للرسول - عليه السلام - والمراد بذلك أمته.
ويحتمل أن يكون المراد من البعض هو البعض نفسه لا الكل.
ثم هو يخرج على وجوه ثلاثة:
أحدها: أي: أبين لكم بعض ما تختلفون فيه، ثم يأتيكم رسول بعدي ويبين لكم باقي ذلك، أو كلام نحوه؛ لأنه لم يقل: أبين لكم بعض ما اختلفتم فيه، ولكن قال: (بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ)، فهو في الظاهر على الاستقبال.
والثاني: يقول: أبين لكم الأصول ما تقدرون على استخراج الفروع من تلك الأصول، واللَّه أعلم.
والثالث: يقول: أبين لكم الذي تختلفون فيه، وهو يرجع إلى أمر الدِّين دون الراجع إلى أمر المعاش، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) فيما آمركم به وأدعوكم إليه وأنهاكم عنه.
ويحتمل أن يكون يقول: اتقوا مهالككم، والزموا ما به نجاتكم، وأطيعوني في ذلك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (64) ذكر هذا؛ ليعلموا أنه وإن عظم