(44)

(45)

دون اللَّه، إلا من جعل اللَّه له الشفاعة، ولا يجعل اللَّه لأحد الشفاعة إلا من كان له عند اللَّه عهد، أو من ارتضى له الشفاعة؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا)، وقوله: (وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى)، يدل على هذا قوله؛ حيث قال: (أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ).

وقوله: (قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (44)

هو ما ذكرنا: هو المالك الشفاعة جميعًا، لا يملك أحد سواه إلا من جعل اللَّه له الشفاعة وارتضى له، فأمَّا أن يملك أحد سواه اتخاذ الشفاعة لنفسه، أو جعل الشفاعة لنفسه فلا، واللَّه الموفق.

وقوله: (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).

في البعث، أو يرجعون إلى ما أعد اللَّه لهم، واللَّه أعلم.

وقوله: (وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45)

قال بعض أهل التأويل: إذا ذكر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - توحيد اللَّه في القرآن (اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ)، أي: نفرت؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ - في بني إسرائيل: (وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا)، وإذا ذكر النبي - عَزَّ وَجَلَّ - الذين عبدوا من دونه الآلهة؛ كقوله في سورة النجم؛ حيث قال: (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى. وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى)، وألقى الشيطان في فمه: " تلك الغرانيق العلا، منها الشفاعة لترتجى "؛ ففرح الكفار حين سمعوا أن لها شفاعة: إلى هذا يذهب مقاتل وغيره، لكنه ليس كذا، وغير هذا كأنه أولى به وأقرب، وهو أن قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ)، أي: إذا ذكر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - توحيد اللَّه وألوهيته، أو ذكر هذا أهل التوحيد وهذا الألوهية ممن عبدوا دونه (اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ)، أي: نفرت وأنكرت؛ كقولهم: (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ).

وقوله - عزَّ وجلَّ -: (وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ): وإذا ذكر أهل الكفر الذين عبدوا من دونه عبادتهم إياها وخلوتهم بها إذا هم يفرحون ويستبشرون، واللَّه أعلم.

وقوله: (اشْمَأَزَّتْ)، قَالَ بَعْضُهُمْ: أبغضت ونفرت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015