ما هو (إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ) في الآخرة إن عصيتم، أي رسول اللَّه إليكم ونذير مبين، بين يدي عذاب شديد في الآخرة إن عصيتم عوقبتم في الآخرة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ في قوله: (أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) يقول - واللَّه أعلم -: ألا يتفكر الرجل منكم وحده أو مع صاحبه، فينظر أن في خلق السماوات والأرض وما بينهما الذي خلق هذه الأشياء وحده أنه واحد لا شريك له، وأن محمدًا لصادق في قوله بأن اللَّه واحد لا شريك له، وما به جنون إن هو إلا نذير.
وقوله: (قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47) هذا يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه سأل، قَالَ بَعْضُهُمْ: إنه سأل قومه أن يودُّوا قرابته وألَّا يؤذوهم؛ كقوله: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)، وما قال في آية أخرى: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا)، يقول: (مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ) يعني: المودة في القربى (فَهُوَ لَكُمْ)، أي: الذي سألتكم هو لكم وهو المودة في القربى واتخاذ السبيل إلى ربي.
والثاني: قوله: (مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ)، أي: لم أسألكم على تبليغ الرسالة إليكم أجرًا منكم، فيمنعكم ثقل ذلك الأجر وغرمه عليكم عن الإجابة؛ كقوله: (أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ).
وقوله: (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ).
أي: ما أجري إلا على اللَّه.
(وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).
بأني نذير وما بي جنون.
أو هو على كل شيء شهيد بأني لم أسألكم عليه أجرًا.
أو على كل شيء من صنيعكم شهيد عالم به، واللَّه أعلم.
وقوله: (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ ... (48) هذا يحتمل وجوهًا:
يحتمل: (يَقْذِفُ بِالْحَقِّ)، أي: يقضي بالحق، أو (يَقْذِفُ بِالْحَقِّ)، أي: يتكلم بالوحي ويلقيه.
وقوله: (عَلَّامُ الْغُيُوبِ).
كل شيء غاب عن الخلق، وقد ذكر في غير موضع.
وقوله: (قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (49) اختلف فيه:
قَالَ بَعْضُهُمْ: ما يبدئ الأوثان والأصنام التي عبدوها (وَمَا يعُيدُ)، أي: لا تخلق