والتجاوز، وبعضه قريب من بعض.
وفي الآية: أنه إنما تاب عليه لكلمات تلقاها من ربه.
والآية تنقض على المعتزلة قولهم؛ لأَنهم يقولون: إن من ارتكب صغيرة فهو مغفور له لا يحتاج إلى الدعاء، ولا إلى التوبة. فآدم - عليه السلام - دعا بكلمات، تلقاها منه؛ فتاب عليه. ولو كان مغفورًا له ما ارتكب لكان الدعاء فضلًا وتكلفًا، وباللَّه التوفيق.
والكلمات هي ما ذكرت في سورة أُخرى: (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا. . .) الآية.
وقوله: (إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
أي: قابل التوبة.
وقيل: أي موفق التوبة، وهادي لها؛ كقوله: (غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ) وقد ذكرنا في قوله: (فَتَابَ عَلَيْهِ) ما احتمل فيه.
(الرَّحِيمُ) بالمؤمنين، ورحيم بالتائبين.
وقوله: (لْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا (38)
ذكر هبوطهم جميعًا؛ فإذا هبطوا فُرادى لم يخرجوا من الأمر، بل كانوا في الأمر، فدل أَن الجمع في الأَمر، والذكر، لا يُصَير الجمعَ في الفعل شرطًا.
وقوله: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى).
أي: ليأْتينكم. وهذا جائز في اللغة.
وقوله: (فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
أي: من تبع هداي، ودام عليه حتى مات، فلا خوف عليهم، ولا هم يحزنون وكذلك قوله: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ): في الدنيا، (وَلَا يَشْقَى) في الآخرة، إذا مات عليه.
وهذه الآية والتي تليها وهو قوله: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39).
تنقض على الجهمية؛ لأَنهم يقولون بفناء الجنة والنار، وانقطاع ما فيهما.