بقوله: (لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).

وقوله: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا) إلى قوله: (لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ. . .) الآية.

وقوله: (يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ. . .) الآية.

وقوله: (لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ).

وما جاءَت به الآثار عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - من وصف طاعتهم لله، ومواظبتهم على العبادة.

وما لا يذكر عن أحد من الرسل وصف ملك بالمعصية، بل إنما ذلك يذكر عن بعض السلف مما لا لوم في مخالفته في فروع الدِّين، فضلا من أَن يبسط اللسان في ملائِكة الله سبحانه، وباللَّه المعونةُ والعصمة.

قال اللَّه تعالى لملائِكته: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ. . .) الآية.

زعم قوم أن هذا زلة منهم، لم يكن ينبغي لهم أن يقابلوا قوله: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) بهذا؛ لما يخرج مخرج الاستعتاب بقولهم: أَتفعل ونحن نفعل كذا؟! كالمنكرين لفعله.

وأَيدوا ذلك بقوله عَزَّ وَجَلَّ: (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) أنه لولا كان في ذلك طرف من الجهل يحذر عن مثله قائِلُه، لم يتبع قولهم هذا، ومعلوم عندهم أن يكون هو يعلم ما لا يعلمون.

وأَيد ذلك بما امتحنهم بالإنباءِ عن أَسْماءِ الأَشياءِ، مقرونًا بقوله: (إِن كُنتُم صَادِقِينَ) ولولا أنه سبق منهم ما استحقوا عليه التوعد لم يكن لذلك الشرط عند القول: (أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ) وفائِدة مع ما يوضع موضع التوبيخ والتهدد.

ومنهم من قال: إن قوله: (أَتَجْعلُ فِيهَا مَن يُفسِدُ فِيهَا) قولُ إبليس، هو الذي تعرض بهذا القول، وإن كان الكلام مذكورًا باسم الجماعة؛ لأَنه جائِز خطاب الواحد على إرادة الجماعة، وذكر الجماعةِ على إرادة الواحد، وإن كان خطاب اللَّه تعالى لجملة ملائِكته حيث قال: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ. . .) الآية.

قوله: (أَنْبِئُونِي) بكذا، وهو يعلم أنهم لا يعلمون ذلك، ولا يحتمل أَن يأْمرهم بذلك وهم لا يعلمون. ولو تكلفوا الإخبار لَلَحِقَهم الكذبُ في ذلك.

ثبت أن ذلك على التوبيخ والتهدد لما فرط منهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015