(38)

التجارة والبيع، والبيع تجارة، ولكن كان اسم التجارة يجمع كل أنواع التقلب، واسم البيع يقع على خاص، وكذلك يقال للذي يجمع أنواع التقلب: تاجر، وللذي يبيع شيئًا خاصًّا: بائع.

أخبر أنه لا يشغلهم تجارة ولا بيع عن ذكر اللَّه.

ثم جائز أن يكون قوله: (لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) أي: لا يشتغلون بالتجارة والبيع، ولكن فرغوا أنفسهم لذكر اللَّه، وإقامة الصلاة، وما ذكر.

وجائز أن يكون يتجرون ويبيعون لكن تجارتهم وبيعهم لا تشغلهم، ولا تمنعهم عن ذكر اللَّه، يكونون أبدًا في ذكر اللَّه.

ثم قوله: (عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) يحتمل الصلاة.

وقوله: (وَإِقَامِ الصَّلَاةِ) أي: تمام الصلاة بركوعها، وسجودها، وقراءتها، وجميع أسبابها، وشرائطها.

وجائز أن يكون قوله: (عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) جميع أنواع الأذكار (وَإِقَامِ الصَّلَاةِ) وإقامة الصلاة بنفسها وإيتاء الزكاة.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: جائز أن يكون قوله: (عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) الخطبة (وَإِقَامِ الصَّلَاةِ) صلاة الجمعة؛ لأنه قال: (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً. . .) الآية، وقال: (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ)، وهي الخطبة. وهذا القول، غير مسموع من أهل التأويل، ولكنه يحتمل، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) وهو يوم القيامة يخبر عن شدة هول ذلك اليوم وخوفه إذ لا تثبت القلوب والأبصار فزعًا منه وخوفًا، كقوله: (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ. . .) الآية، وكقوله: (إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ).

وجائز أن يكون قوله: (يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) يعرفون مرة، ويجهلون تارة، ويعتبرون يومئذ بما لم يعتبروا في الدنيا، ويقرون بما لم يقروا.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ)، حين زالت عن أماكنها من الصدور، فنشبت في حلوقهم عند الحناجر، ثم قال: (وَالْأَبْصَارُ) أي: تتقلب أبصارهم فيكونون زرقا، وهو قول مقاتل.

وقوله: (لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا ... (38) يحتمل قوله: (لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا) أي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015