لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ)، فهو يتقلب في ظلمات.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: في قوله: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) أي: بنوره يهتدي من في السماوات ومن في الأرض على ما ذكرناه (مَثَلُ نُورِهِ) في قلب المؤمن (كَمِشْكَاةٍ) وهي الكوة غير النافذة على ما ذكرنا (فِيهَا مِصْبَاحٌ) أي: سراج (كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ): مضيء، أي: منسوب إلى الدر؛ وهو قول الْقُتَبِيّ.

وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: (كَمِشْكَاةٍ): الكوة التي تكون في الحائط؛ ومثال جماعته: الكوة، (كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ): مثل لسانه وصدره وقلبه (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ) قال: يكاد محمد يبين للناس وإن لم ينطق.

وعن الضحاك بن مزاحم (كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) قال: خلقت الكواكب من نار يقال لها: دري؛ فمن ثمة قال: (كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ).

وقد ذكرنا قولهم في المشكاة:

قَالَ بَعْضُهُمْ: الكوة: التي لا منفذ لها.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: الفتيلة.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: الفتيلة التي في جوف القنديل نفسه.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: القائم في وسط القنديل، وهو موضع الفتيلة.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: هي الحدايد التي يعلق بها القنديل.

وأما الزجاجة فهي القنديل.

ثم إن كان قوله: (مَثَلُ نُورِهِ) أي: نور المؤمن، فليس ذلك وصف كل مؤمن ونعته، ولكن وصف المؤمن الذي يجتمع فيه جميع شرائط الإيمان وجميع الأخلاق الحسنة والآداب؛ لأنه وصفه بطهارة نفسه وجسده وقلبه وجميع أعماله وأفعاله؛ لأنه قال: (كَمِشْكَاةٍ)، وهي قلبه (مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ) وهو صدره الذي في قلبه المصباح والزجاجة وهو الإيمان الذي في صدره، ثم نعت الزجاجة فقال: (كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) أي: مضيء.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: من الدر، فوصف الكل بالضياء والنور وطهارة الداخل منه والخارج ونقاوته، فهو المؤمن الذي يجتمع فيه جميع الشرائط والخصال المحمودة، وأما كل مؤمن فلا يحتمل، وهذا أشبه؛ ألا ترى أنه ذكر نعت الكافر من بعد وخبثه حيث قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015