وقَالَ بَعْضُهُمْ: ليست شرقية: لا غرب لها، ولا غربية: لا شرق لها، ولكنها شرقية غربية.
فكيفما كان فإنما ذكر الزيت لصفائه وخلوصه؛ فيجب أن يسأل أهله فيقال: أي الزيت أجود وأصفى الذي تصيبه الشمس أو الذي لا تصيبه، أو الذي تصيبه في وقت ولا تصيبه في وقت؟
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) هو اللَّه سبحانه هادي أهل السماوات وأهل الأرض، كما هداه في قلب المؤمن كما يكاد الزيت الصافي يضيء؛ قالوا: هو زيت كلما مسته النار ازداد ضوءًا على ضوء، كذلك يكون قلب المؤمن يعمل الهدى قبل أن يأتيه العلم أفإذا أتاه العلم، ازداد هدى على هدى ونورًا على نور، وعن أبي بن كعب قال في قوله: (مَثَلُ نُورِهِ): يقول: مثل نور المؤمن، وكذلك يقرؤها: (مثل نور المؤمن) على ما ذكرنا من قبل. قال: فهو عبد قد جعل القرآن والإيمان في صدره.
قال: (كَمِشْكَاةٍ) قال: المشكاة: صدره (فِيهَا مِصْبَاحٌ): قال: المصباح: القرآن والإيمان الذي جعل في صدره.
قال: (الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ) فالزجاجة: قلبه.
قال: (الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) يقول: كوكب مضيء.
(يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ) قال: الشجرة المباركة أصله، فالمبارك: الإخلاص لله وحده لا يشرك به.
قال: (لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ) قال: فمثله كمثل شجرة، جعله كالشجرة فهي خضراء ناعمة لا تصيبها الشمس على أي حال كانت: لا إذا طلعت، ولا إذا غربت، وكذلك هذا المؤمن قد أجير عن أن يصيبه شيء من الفتن وقد ابتلي بها، فثبته اللَّه فيها، فهو بين أربع خلال: إن ابتلي صبر، وإن أعطي شكر، وإن قال صدق، وإن حكم عدل؛ فهو في سائر الناس كالرجل الحي يمشي في قبور الأموات.
قال: (نُورٌ عَلَى نُورٍ) قال: فهو يتقلب في خمسة من النور: كلامه نور، وعلمه نور، ومدخله نور، ومخرجه نور، ومصيره النور إلى يوم القيامة إلى الجنة.
قال: ثم ضرب مثل الكافر فقال: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ) وهو يحسبه عند اللَّه خيرًا فلا يجده، فيدخله اللَّه النار، وقال في آية أخرى له مثلا فقال: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ