ويبطل حقهم بلا شيء يصل إليهم، واللَّه أعلم.
وفي قوله: (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) دلالة القول بعلم العمل على ظاهر الأسباب دون تحقيق العلم به، حيث قال: (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) وإنما يوصل ما ذكر من الخير بأسباب تكون لهم على نحو ما ذكروا فيه من الحرفة والوفاء وأداء الأمانة وأمثاله، وذلك أسباب توصل إلى الخير على أكبر الظن والعلم لا على الحقيقة.
وفيه دلالة العمل بالاجتهاد على ما يرى بهم من ظاهر الأسباب، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) اختلف في خطابه:
قال الحسن وغيره: هو شيء حث الناس عليه مولاه وغيره، فيخرج ذلك على وجهين:
أحدهما: ما جعل اللَّه من الحق للمكاتبين في الصدقات؛ لقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ)، إلى قوله: (وَفِي الرِّقَابِ) وهم المكاتبون، أمر أرباب الأموال بدفع الصدقات للمكاتبين، وجعلهم أهلا لها، ليستعينوا بها على أداء ما عليهم من الكتابة.
فإن كان ذلك فذلك حق لهم.
والثاني: جائز أن يأمر الناس بمعونة هَؤُلَاءِ المكاتبين على أداء ما عليهم من الكتابة بأموالهم سوى الصدقات؛ ليفكوا رقابهم عن ذل الرق والكسب.
وقال قائلون: إنما الخطاب للموالي خاصة؛ لما أن أول الخطاب بالكتابة راجع إلى الموالى؛ فعلى ذلك هذا.
ثم اختلفوا فيه: روي عن علي بن أبي طالب - رضي اللَّه تعالى عنه - قال: " يترك المولي الثلث من مكاتبته له ".
وروي عنه أنه قال: " ربع المكاتبة ".
وروي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه كاتب غلامًا له، فحط عنه أول نجمه، وقال له: حط عني آخره، فقال عمر: " لعلي لا أصل إليه "، أو كلام نحو هذا، ثم تلا هذه الآية، قوله: (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ. . .) الآية.
وروي عن غلام لعثمان بن عفان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: " كاتبني عثمان، ولم يحط