بخمرهن على جيوبهن، يقول: ليرخين بخمرهن على الصدر والنحر فلا يرين منها شيئًا.
قال: وكن النساء قبل هذه الآية إنما يسدلن خمرهن سدلا من ورائهن كما يصنع النبط، فلما نزلت هذه الآية شددن الخمر على النحر والصدر.
وفي الآية دلالة أن دروع النساء كانت جيب؛ لأن الجيب إنما تكون للدروع، وذلك كان لباس النساء، وقد روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه نهى الرجال عن لبسة النساء، وأنه لعن المتشبهين من الرجال بالنساء.
وروي أنه لعن الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل.
وعن ابن عَبَّاسٍ: " لعن النبي المؤنثين من الرجال والمذكرات من النساء ". وكأنه مكروه للرجل - واللَّه أعلم - أن يلبس فراعة وحدها لا قميص تحتها؛ لأن ذلك لباس النساء إلا أن يكون لها شق ذيل، فخرجت من لبس النساء، ولم تكره للرجال، والله أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) جائز أن يكون قوله: (إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا): إنما يباح النظر إلى الوجه للحاجة، وأما على غير الحاجة فلا يباح؛ لما ذكرنا من قوله: (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ. . .) الآية، وقوله: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ)؛ فعلى ذلك ترك النظر إلى وجه المرأة أطهر للنساء وللناس جميعًا؛ فلا يباح ذلك إلا عند الحاجة إليه، وهو معرفتها؛ ليقيم به الشهادة.
فَإِنْ قِيلَ: أليس النظر يسع إلى مواضع الزينة الخفية للأجنبي؛ للتداوي بها؟
قيل: يسع ذلك للضرورة وأما للحاجة فلا، ومسألتنا في الحاجة ليست في الضرورة.
ثم قوله: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ) إلى آخره ما ذكر: جائز أن يكون المراد برخصة النظر إلى الزينة لهَؤُلَاءِ المسمين في الآية رخصة النظر إلى نفس الزينة لا موضع