وإن كان المراد به الأمة والعبد، ففيه إباحة نظر العبد إلى شعر مولاته على ما يقوله بعض الناس.
والأشبه أن يكون المراد به واللَّه أعلم الإماء دون العبيد؛ لما ذكر في آخر الآية (أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ) والعبد من الرجال.
أو ذكر التابع والمتابع وإن كان خصيًّا أو عنينًا أو معتوها على ما قالوا، فإنه لا يحل لهَؤُلَاءِ النظر إلى تلك المواضع على حال فعلى ذلك العبد؛ فيكون الدخول عليهن مضمر في الآية، وكن النساء متأهبات وقت دخول العبيد والتابعين عليهن؛ لأنه ذكر المتابعين ْوهم تابعو الأزواج، ووقت دخول هَؤُلَاءِ يكون معلومًا عندهن فيتأهبن لهم ويستترن، واللَّه أعلم بذلك؛ ألا ترى أنه لا يحل للمرأة أن تسافر بعبدها، دل أنه ليس بمحرم لها؛ لذلك لم يحل له النظر إلى شعر مولاته.
فَإِنْ قِيلَ: ما معنى ذكر إمائهن ونسائهن وكل النساء يجوز لهن النظر إلى المرأة وإلى هذه المواضع التي ذكرنا؟
قيل: خصَّ اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - بالذكر إماءهن ونساءهن دون النساء الأجنبيات؛ تأديبا لا حظرًا، وذلك أن المرأة قد يضيق عليها أن تستتر من أمتها ونساء أهل بيتها، لكثرة رؤيتهن لها، وقد تقدر أن تستر من الأجنبية محاسنها وزينتها؛ لقلة رؤيتها لها؛ ألا ترى أنه قد نهى المرأة أن تضرب برجلها؛ ليعلم ما تخفي من زينتها، وفي ذلك صيانة للرجل والمرأة وإبعاد لهما عما يحذر عليهما ويخاف؛ فليس ببعيد أن يجعل نهيه المرأة أن تظهر زينتها ومحاسنها للأجنبية؛ لما يخاف على الأجنبية من فساد قلبها وحدوث الشهوات لها؛ صيانة للنساء والرجال جميعًا، وإبعادًا لهم عن الزينة، ولئلا تصفها لرجل يفتتن بها، ويتكلف الوصول إليها. واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) روي عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: " لما نزلت هذه الآية، أخذ النساء أزرهن فشققنها من قبل الحواشي، فاختمرن بها "، وعن ابن عَبَّاسٍ: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) يقول: وليشددن