وإِن كان ما قال ابن عَبَّاسٍ ففيه دلالة حل النظر إلى وجه المرأة لا بشهوة.

وإِن كان ما قالت عائشة من القلب والفتخة، ففيه دلالة جواز النظر إلى الكفين والقدمين؛ لأنهما ظاهرتان باديتان؛ ألا ترى أنهما من الظواهر في فرض غسل الوضوء، وإن كان ذلك ففيه دلالة جواز صلاتها مع ظهور القدم.

وجائز أن يكون النظر إلى وجه المرأة حلالا إذا لم يكن بشهوة، لكن غض البصر وترك النظر أرفق وأزكى، كقوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ) كما تؤذى الإماء.

والذي يدل أن للمرأة ألا تغطي وجهها، ولا ينبغي للرجل أن يتعمد النظر إلى وجه المرأة إلا عند الحاجة إليه - قول رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: " إنما لك الأولى وليست لك الآخرة "، وفي بعضها: " الأولى لك والآخرة عليك "؛ لأنه كأنه إنما كرر النظر في الثانية؛ لشهوة تحدث في قلبه.

وإذنه للذي يريد أن يتزوج امرأة أن ينظر إليها يدل على أن نظر الرجل إلى وجه المرأة غير حرام؛ لأنه لو كان حرامًا لم يأذن فيه النبي لأحد.

ونرى - واللَّه أعلم - أن النظر إلى وجه المرأة ليس بحرام إذا لم يقع في قلب الرجل من ذلك شهوة، فإذا وجد لذلك شهوة، ولم يأمن أن يؤدي به ذلك إلى ما يكره فمحظور عليه أن ينظر إليها إلا أن يريد به معرفتها والنكاح فإنه قد رخص في ذلك؛ روي أن المغيرة أراد أن يتزوج امرأة فقال له رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " اذهب فانظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ".

وقال في بعض الأخبار: " إذا خطب أحدكم المرأة فلا بأس أن ينظر إليها؛ إذا كان إنما ينظر إليها للخطبة، وإن كانت لا تعلم ".

وأحسن للشابة وأفضل لها أن تستر وجهها ويديها عن الرجال ليس لأن ذلك حرام وإليها معصية، ولكن لما يخاف في ذلك من حدوث الشهوة، ووقوع الفتنة بها، فإذا لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015