(114)

(115)

وذلك إنما يكون في الدنيا لا في الآخرة.

ثم اختلف في العادين: قَالَ بَعْضُهُمْ: هم الملائكة الذين يكتبون أعمالهم في هذه الدنيا ويرقبونهم.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: هم ملك الموت وأعوانه.

وقوله: (قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (114)

أي: ما لبثتم إلا قليلا لو كنتم تعلمون، ولكن لا تعلمون.

قَالَ الْقُتَبِيُّ: (سِخْرِيًّا) بكسر السين، أي: يسخرون منهم، و (سُخْرِيًّا): بضمها، أي: يتسخرونهم من السخرية عبثًا.

وقوله: (حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي)، أي: شغلكم أمرهم عن ذكري، والوجه فيه ما ذكرنا فيما تقدم.

وقوله: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115)

قوله: (أَفَحَسِبْتُمْ): يحتمل وجهين:

أحدهما: (أَفَحَسِبْتُمْ): قد حسبتم أنما خلقناكم عبثًا.

والثاني: (أَفَحَسِبْتُمْ)، أي: لا تحسبوا أنا إنما خلقناكم عبثًا.

(وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ).

صير خلقه الخلق لا للرجوع والبعث عبثا؛ لوجهين:

أحدهما: لأن خلقه إياهم لا لعاقبة تتأمل أو لمنافع تقصد؛ للهلاك خاصة وللفناء - عبث؛ كبناء المباني لا لمنفعة تقصد به، ولكن للنقض يكون عبثًا في الشاهد، وهو ما قال في آية أخرى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا): سفهها في غزلها للنقض خاصة لا لمنفعة قصدت به، ونهانا أن نفعل مثل فعلها؛ فلو لم يكن المقصود من خلق الخلق إلا الموت والفناء خاصة، لا لعاقبة تقصد - كان سفهًا وعبثًا.

والثاني: ما أخبر أنه إنما أنشأ هذا العالم غير البشر لهذا البشر، وله سخر ذلك كله؛ حيث قال: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ)؛ إذ ليس لغير البشر منفعة بهذه النعم التي أنشأها لهم، من نحو الجن والملائكة ونحوهم؛ إذ لهم قوام بدون ذلك: من الشمس، والقمر، ونحوه من النعم؛ إنما ذلك للبشر خاصة، فإذا كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015