(99)

ذكروا، فما ينبغي لأُولَئِكَ أن يفهموا من قوله: (وَمَا تَعْبُدُونَ): عيسى وعزير والملائكة وهَؤُلَاءِ، ويقولون: هَؤُلَاءِ عبدوا دون اللَّه فهم حصب جهنم على زعمكم، إلى هذا يذهب أهل التأويل، ويقولون: ثم نزل قوله: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ) قالوا: استثنى من علمه ممن عبد دون اللَّه من سبقت له منه الحسنى، وهو عزير وعيسى وهَؤُلَاءِ، لكن قد ذكرنا أنه لا يجوز أن يفهم من هذا هَؤُلَاءِ، ولكن الأصنام والأحجار التي عبدوها، كقوله: (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)، التي عبدوها.

أو أن يكون قوله: (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) الشياطين الذين أمروهم ودعوهم إلى عبادة غير اللَّه، فتكون العبادة لمن دون اللَّه للشيطان حقيقة؛ لأنه هو الآمر لهم بذلك، والداعي إلى ذلك دون من ذكروا؛ لأن هَؤُلَاءِ - أعني: عيسى وعزيرًا والملائكة - لم يأمروهم بذلك؛ فيكون على هذا كأنه قال: إنكم والشياطين الذين تعبدون من دون اللَّه حصب جهنم، وهو ما ذكر في آية أخرى: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ. . .) إلى قوله: (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ) دل هذا أن القرين هو الشيطان، كقوله: (نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) وقوله: (حَصَبُ جَهَنَّمَ) بالصاد، وقرئ بالطاء: (حطب جهنم) قال ابن عَبَّاسٍ: الحصب بلسان الزنجية: هو الحطب.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو حطب بلسان الحبشة، ويقال -أيضًا- بالضاد: (حضب جهنم) قَالَ بَعْضُهُمْ: الحصب: هو الرمي، يحصب جهنم بهم، أي: يرمي بهم، والحطب: هو معروف، والحضب: هو التهيج، أي: يهيج النار عليهم.

وقال الكسائي: حصبت النار، أي: ألقيت فيها الحطب، وعن عائشة: (حضب جهنم) بالضاد.

وقوله: (أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ) أي: واقعون فيها.

وقوله: (لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (99) أي: لو كان الذين عبدوا دون اللَّه آلهة على ما زعموا ما وردوا النار.

فَإِنْ قِيلَ: إنهم لم يقروا أنها ترد النار.

قيل: لما عجزوا عن إتيان مثله فقد لزمتهم الحجة، فكأنهم أقروا أنهم واردوها،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015