(52)

فهذا يدل أن النبي إنما سمي: نبيًّا؛ لاجتماع خصال الخير والبركة فيه، كما ذكرنا في الصديق، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52) فإن كان الأيمن من اليمن والبركة، فيكون تأويله: وناديناه من جانب الطور المبارك واليمن، وكذلك روي في الخبر أن موسى - عليه السلام - قال: " أتاني من جبل طور سيناء، واطلع من جبل ساعورا، وظهر من جبل فاران "، ومعناه: أتانى وحي ربي من جبل طور سيناء، " واطلع من جبل ساعورا "، أي: أتى وحي عيسى من جبل ساعورا، وأتى وحي محمّد في جبل فاران؛ فهو على اليمن: يمن الجبل وبركته.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو يمين الجبل.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: يمين موسى.

قال أبو بكر الأصم: هذا لا يعلم إلا بالخبر، ولا نفسره أنه ماذا أراد به؟ مخافة التغيير؛ لأنه ذكر في موضع الاحتجاج عليهم، فإن زادوا أو نقصوا عما في كتبهم يبطل الاحتجاج به عليهم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا).

قال أهل التأويل: هو تقريب بالمكان، ولكن عندنا هو تقريب المنزلة والقدر والفضل، هذا معروف، وهو أسلم، (نَجِيًّا) من المناجاة، أي: ناجاه من حيث لم يطلع على ذلك غيرهما، وسمّي موسى بهذا؛ لأنه أخلص نفسه لله وسلَّمها له، ولذلك سمي المصلي -أيضًا-: مناجيا ربه على ما روي في الخبر " انْظُر مَنْ تُنَاجِي " حيث فرغ نفسه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015