وقَالَ بَعْضُهُمْ: هنالك، أي: هكذا ولاية اللَّه، ثم اختلف في تلاوته وتأويله:
قرأ بعضهم (الْوَلَايَةُ لِلَّهِ) بالفتح، وكذلك ذكر في حرف ابن مسعود: (هنالك الوَلاية لله الغفور وهو الحق): بالرفع، وفي حرف حفصة: (هنالك الملك والولاية لله الغفور ذي الرحمة).
وقرأ بعضهم: (لِلََّهِ الْحَقُّ)، أي: الولاية الحق لله، و (الْوَلَايَةُ) بالنصب من الموالاة.
قال ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لا يبقى أحد إلا تولى اللَّه وآمن به وعلم أنه حق، والولاية بالكسر من الإمارة والملك على ما ذكر في حرف حفصة.
وفي حرف أبيّ (هنالك الولايةُ لله الحق لله) يقرأ: الولايةُ لله وهو الحقُّ، ويقرأ: هُنَالِكَ الولايةُ لِلَّهِ الْحَق، بالخفض، ويقرأ: هنالك الولايةُ الحقُّ لله.
وذكر هذا المثل لرسول اللَّه - واللَّه أعلم - لأن فيه دلالة رسالته، وحجة توحيد الله وقدرته وسلطانه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا)، أي: ثواب هذا المؤمن منها أفضل ثوابًا في الآخرة وأفضل عاقبة من عقبى ذلك الكافر.
قال ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قوله: (وَاضْرِبْ لَهُمْ): يعني: لأهل مكة (مَثَلًا رَجُلَيْنِ): أخوين من بني مخزوم:
أحدهما مسلم والآخر كافر، وهما الرجلان اللذان ذكرهما اللَّه في سورة الصافات: (إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ. . .)، إلى قوله: (فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ): تصدق المسلم منهما بماله وطلب الآخرة، وطلب الآخر به الدنيا.
وعن ابن مسعود قال: كانا أخوين ورثا من أبيهما مالا فاقتسماه، فأما أحدهما التمس بماله الدنيا وزينتها، وأمَّا الآخر تصدق به وطلب الآخرة حتى لم يبق له شيء إلى هذا يذهب هَؤُلَاءِ، واللَّه أعلم.
* * *
قوله تعالى: (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (45) الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ).