وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41)
هذا يخرج على وجهين:
أحدهما: يقول: (وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا) من السماء، أي عذابًا، فتصير (صَعِيدًا زَلَقًا) أملس لا نبات عليها، أو يذهب بمائها؛ فتهلك بذهاب الماء؛ إذ هلاك البساتين يكون بذهاب الماء مرة، وبالعذاب النازل عليها ثانيا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا).
هذا يحتمل وجهين:
أحدهما: لن تستطيع له طلبا، أي: تصير بحال لا تستطيع له طلبا، أو لن تستطيع له وجودًا.
وقال في قوله: (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ)، بالنصب؛ لأن الكلام مبني على قوله: (إِنْ تَرَنِ)، وجعل (أَنَا) صلة، وأمَّا قوله: (أَنَا أَكْثَرُ) فوصف (أنَا) بـ (أَنَا أَكْثَرُ)؛ فارتفع.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42)
أي: أهلك بثمره.
(فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا).
هكذا عادة الناس: أنهم إذا أصابهم خسران أو مصيبة، يقلبون كفهم بعضهم على بعض؛ على الندم والحسرة على ما فات.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا).
قيل: ساقطة على عروشها.
ويحتمل (خَاوِيَةٌ): ذاهبة البركة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا).
إن كان هذا القول في الدنيا؛ فذلك منه توبة؛ لأن التوبة هي الندامة على ما كان منه.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: هذا القول منه في الآخرة، فإن كان في الآخرة فإنه لا ينفعه ذلك، والله أعلم، وهكذا كل كافر يؤمن في الآخرة، لكن لا ينفعه.
وقوله: (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (43)
هذا - واللَّه أعلم - مقابل ما قال: (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا)، أي: لم يغنه عن عذاب اللَّه ما ذكر من النصر، ولا قدر أن يقوم بنفسه منتصرًا بالمال الذي ذكر.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (هُنَالِكَ ... (44)
قَالَ بَعْضُهُمْ: عند ذلك.