وقال الزجاج: الرحمن: هو مأخوذ من الرحمة إلا أنه النهاية في الرحمة؛ لأنه " فعلان "، وهو ما يقال: غضبان، إذا انتهى غضبه غايته، وإلا قوله: " الرحيم " و " الرحمن " كلاهما من الرحمة إلا أن الرحمن " فعلان " والفعلان هو النهاية من وصف الرحمة؛ لما ذكرنا، وغيره من الخلائق لا يبلغون في الرحمة ذلك المبلغ؛ لذلك خص بذكر " الرحمن " دون " الرحيم ".
وهذا كله واحد ليس فيه خلاف، وأصله ما ذكرنا لا يشرك غيره في هذين، ويجوز في غيره.
وقوله عَزَّ وَجَلَّ: (فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) أي: أسماؤه التي يسمى بها كلها الحسنى، ليس شيء منها قبيحًا.
أو أن يكون قوله: (فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) أي: كل أعمال صالحة، وأمور حسنة له، أي: تنسب إليه، وتضاف، ولا يجوز أن يضاف وينسب ما قبح منها، وسمج، وأصله: ما ذكرنا أنه ينسب إليه كل حسن، وكل صالح على الإشارة، ولا يجوز أن ينسب إليه كل قبيح سمج على الإشارة، والتسمية به، وهو ما يذكر: " التحيات لله، والصلوات والطيبات. . . " إلى آخره، ينسب إليه كل طيب، وكل حسن.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى).
هذا يحتمل وجهين:
أحدهما: له أسماء حسنة يسمى بها.
والثاني: أن كل حسن يسمى به غيره فهو راجع إليه في الحقيقة، وهو مسمى به، وكل حسن منسوب إليه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا)، اختلف أهل التأويل في ذلك:
قال: قوله: (وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ) أي: لا تجعل صلاتك في مكان غيظًا للمشركين (وَلَا تُخَافِتْ بِهَا)، أي: ولا تسر عن أصحابك فتخفى عنهم، لكن ابتغ بين ذلك سبيلًا.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: لا تجعل كل صلواتك في جماعة، ولا تخافت بها، ولا كلها في غير