(6)

طلبُ معونته وقضاءُ حاجته.

ويؤيد ذلك بقية السورة أنه أُخرج على الدعاء فقال اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ -: " هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل ".

وقوله: (اهدِنَا (6)

قال ابنُ عباس - رضي اللَّه عنهما -: أرْشِدْنا.

والإرشاد، والهداية واحد، بل الهدايةُ في حق التوفيق أقربُ إلى فهم الخلق من الإرشاد بما هي أعم في تعارفهم.

ثم القول بالهداية يُخرَّج على وجوهٍ ثلاثة:

أحدها: البيانُ. ومعلومٌ أن البيانَ قد تقدم من اللَّه لا أحد يريد به ذلك لمضي ما به البيان من كتابٍ وسنةٍ، وإلى هذا تذهب المعتزلة.

والثاني: التوفيقُ له، والعصمةُ عن زيغه. وذلك معنى قولهم: " اللهمَّ اهْدِنَا فيمَنْ هَدَيْتَ "، وقوله: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ)، ووصَفَهم إلى آخر السورة، ولو كان على البيان على ما قالت المعتزلة فهو والمغضوب عليهم في ذلك سواء، فثبت أَنه على ما قلنا دون ما ذهبوا إليه.

والثالث: أَن يكون على طلب خلق الهداية لنا؛ إذ نسب إليه من جهة الفعل، وكل ما يفعله خلق؛ كأَنه قال: اخلُق لنا هدايتنا، وهو الاهتداءُ منا. وباللَّه التوفيق.

ثم تأْويل طلب الهداية، ممن قد هداه اللَّه يتوجه وجهين:

أحدهما: طلب الثبات على ما هداه اللَّه، وعلى هذا معنى زيادات الإيمان، أنها بمعنى الثبات عليه، وذلك كرجلين ينظران إلى شيء فيرفع أَحدهما بصره عنه، جائز القول بازدياد نظر الآخر.

ووجه آخر: على أن في كل حال يخاف على المرءِ ضد الهدى، فيهديه مكانه أبدًا فيكون له حكم الاهتداءِ؛ إذْ في كل وقت إيمان منه دفع به ضده.

وعلى ذلك قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ. . .) الآية، ونحو ذلك من الآيات.

وقد يحتمل أيضًا معنى الزيادةِ هذا النوعُ. وباللَّه التوفيق.

وأما (الصِّرَاطَ) فهو الطريق والسبيل في جميع التأويل وهو قوله: (وَأَن هَذَا صِرَاطِي .. )

طور بواسطة نورين ميديا © 2015