إذ هو على قولهم لا يجوز أن يكون مكلفًا قد بقي شيء -مما به أَداءُ ما كلف- عند اللَّه، وطلبُ ما أُعْطِي كتمانُ العطيةِ، وكتمانُ العطيةِ كفرانٌ؛ فيصير كأن اللَّه أَمر أن يَكْفُر نعمَهُ ويكتمها ويطلبها منه تعنتًا. وظنُ مثله باللَّه كفر.

ثم لا يخلو من أَن يكون عند اللَّه ما يُطْلب فلم يُعطه التمام إذًا، أوْ ليس عندهُ فيكون طلبه استهزاءً به، إذ مَنْ طَلَب إلى آخَرَ مَا يَعْلم أنه ليس عنده فهو هازئ به في العرف، مع ما كان الذي يُطلب إما أن يكون لله ألا يعطيه مع التكليف فيبطل قولهم؛ إذ لا يجوز أَن يكلف وعنده ما به الصلاح في الدِّين فلا يعطى، أوْ ليس له أَلا يعطى فكأَنه قال: اللهم لا تَجُر.

وَمَنْ هذا عِلْمهُ بربه فالإسلام أَولى به، وهذا مع ما كان لا يدعو اللَّه أَحد بالمعونة إلا ويطمئن قلبهُ أَنه لا يذل عند المعونة، ولا يزيغ عند العصمة، وليس مثلهُ يملك اللَّه عند المعتزلة. ولا قوة إلا باللَّه.

وقد رُويَ عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال في خبر القسمة: " اللَّه يقول: هذا بَيني وبينَ عبدي نِصْفين ".

وذلك يحتمل: أن يكون كل حرف من ذلك بما فيها جميعًا الفزعُ إلى اللَّه بالعبادة، والاستعانة ورفع الحاجة إليه، وإظهار غناه -جل وعلا- عنه؛ فيتضمن ذلك الثناء عليه، وطلب الحاجة إليه.

ويحتمل: أن يكون الحرفُ الأَول لله بما فيه عبادتُه وتوحيدهُ، والثاني للعبد بما فيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015