قال أبو بكر الأصم: يقولون: إنا على دين اللَّه وعلى الحق لعبادتنا، ويقولون: إن لهم الحسنى يعنون أنهم محسنون في أعمالهم، وبما هم عليه من دين.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى) يعنون البنين، لأنهم كانوا يضيفون البنات إلى اللَّه وينسبون البنين إلى أنفسهم، فذلك الحسنى الذي ذكروا.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: بأن لهم الحسنى: أي: الجنة؛ كقوله: (وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى. . .) الآية.

ثم كذبهم في قولهم فقال: (لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ) ليس لهم الحسنى على ما زعموا؛ ولكن النار، وقد ذكرنا قوله: (لَا جَرَمَ) فيما تعَدم، كان أهل الكفر فرقا، منهم من ادعى الاشتراك في نعيم الآخرة كما كان لهم اشتراك في نعيم الدنيا؛ كقوله: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ)، ومنهم من ادعى الآخرة لأنفسهم كما كانت لهم الدنيا، فجائز أن يكون قوله: (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ) وهم الذين ادعوا الحسنى - وهي الجنة - لأنفسهم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ).

هو من الفرط؛ وهو: السبق والتقدم، كأن الآية في الرؤساء منهم، أخبر أنهم سابقون أتباعهم إلى النار، وهو كقوله: (وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ)، الأولى هم المتبوعون، وأخراهم الأتباع.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: معجلون إليها بين يدي أتباعهم.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (مُفْرَطُونَ) أي: متروكون، منسيون في النار.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (مُفْرَطُونَ) مبعدون عن رحمة اللَّه لكن هذين ليسا بتأويل ألبتَّة، إذ كل من في النار فهو منسي متروك فيها مبعد عن رحمة اللَّه.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: وأنهم مدخلون فيها.

والوجه فيه ما ذكرنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015