(3)

أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا) الآية، أخبر أنه يتمنى عند حلول الموت - الإسلام؛ حيث طلب الرجوع إلى الدنيا، دل أنهم يودون الإسلام؛ قبل الوقت الذي ذكروا، أو يتمنون الإسلام إذا حوسبوا، أو إذا بعث أهل الجنة إلى الجنة وبعثوا هم، إلى النار، يتمنون الإسلام قبل ذلك بمواضع، وربما يتمنى الآحاد من الكفرة، ويودون لو كانوا مسلمين في أحوال؛ وأوقات؛ يظهر لهم الحق، وقد بانَ لهم الحق؛ لكن الذي يمنعهم عن الإسلام - فوت شيء من الدنيا، وذهاب شيء قد طمعوا فيه.

وقال الحسن في قوله: (الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ): قسم؛ لما ذكر: (رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ)؛ يقول: أقسم بالحروف المقطعة أنهم يوذون الإسلام. واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) هذا ليس على الأمر، ولكن على الوعيد، والتهديد، والإبلاغ في الوعيد، وتأكيد؛ كقوله: (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ. . .) الآية،، هو على الوعيد؛ حيث قال: (إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)، فعلى ذلك قوله: (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا) وعيد بقوله: (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)، ويشبه أن يكون: ذرهم ولا تكافئهم بصنيعهم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) المحق من المبطل، وأن المحق والمبطل من أنت أو هم؛ أو سوف يعلمون نصحك إياهم، وشفقتك لهم، أنك نصحت لهم، وأشفقت عليهم لا أن خنتهم أو يعلموا بما سخروا بكم وهزءوا.

وقوله: (وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ).

الأمل: الطمع، اختلف فيه: قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: منعهم طمعهم أنهم وآباءهم قد أصابوا الحق، ذلك منعهم عن الإجابة، والنظر في الآيات والحجج.

والثاني: تقديرهم بامتداد حياتهم؛ ليبقى لهم الرياسة، والشرف، ذلك الذي كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015