(19)

خيالا، فعلى ذلك: أعمالهم السيئة في أنفسها فرأوها حسنة صالحة، وما كان وما شبه بالرماد - فهي أعمالهم الصالحة في أنفسها؛ لكن الكفر أبطلها.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ).

اليوم لا يكون عاصفًا؛ ولكن على الإضمار؛ كأنه قال: في يوم فيه ريح عاصف، كقوله: (وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا)، النهار لا يبصر ولكن يُبصَر فيه أو يُبصَر به.

والعاصف: قيل: هو القاصف الكاسر الذي يكسر الأشياء. أو يكون قوله: (اشْتَدَّتْ بِهِ)، والعاصف والقاصف - حرفان يؤديان جميعًا معنى واحد.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ) كالرماد الذي ذكرنا أن صاحبه لا يقدر به بعدما عملت به الريح وذرته. واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ).

يحتمل: ذلك الكفر هو الضلال البعيد؛ لا نجاة فيه أبدًا.

أو ذلك الكفر الذي أتوا به بعيد عن الحق واللَّه أعلم.

* * *

قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ).

(أَلَمْ تَرَ) حرف تنبيه عن عجيب بَلَغَه وعلم به غفل عنه، أو نقول: حرف تنبيه عن عجيب لم يبلغه بعد ولم يعلم به. على هذين الوجهين يشبه أن يكون واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ).

قال عامة أهل التأويل: بالحق أي: للحق، وتأويل قولهم - واللَّه أعلم -: للحق: أي: للكائن لا محالة؛ وهي الآخرة؛ لأنه خلق العالم الأول للعالم الثاني؛ والمقصود في خلق هذا العالم هو العالم الثاني؛ فكان خلقهما للثاني لا للأول الأنه لو كان للأول،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015