(40)

وإذا كان مسلمًا ثم ختم بالكفر - محيت أعماله التي كانت له من الصالحات، فلم ينتفعوا بها.

أو أن يكون ما ذكر من المحو والإثبات: هو ما يكتب الحفظة من الأعمال والأفعال يمحي عنها ما لا جزاء لها ولا ثواب؛ ويبقي ما له الجزاء والثواب ويترك مكتوبًا كما هو.

أو يكون للخلق مقاصد في أفعالهم؛ والحفظة لا يطلعون على مقاصدهم؛ فيكتبون هم ما هو في الحقيقة حسنة؛ لقصده سيئة؛ على ظاهر ما عمل، أو حسنة في الظاهر؛ وهو في الحقيقة سيئة؛ فيغير ذلك؛ فيجعل ما هو في الحقيقة شر وفي الظاهر خير - شرّا بالقصد، وما هو في الحقيقة خير وفي الظاهر شر - خيرًا.

أو أن يكون في كتابة الحفظة لكنه من وجه آخر؛ وهو أن الحفظة يكتبون الأعمال؛ ثم يعارض ذلك بما في اللوح المحفوظ؛ فمحى من كتابة الحفظة من الزيادة؛ ويثبت فيها ما كان فيه من النقصان. واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ).

هذا يحتمل: عنده الذي يعارض به كتب الملائكة.

ويحتمل: وعنده أُم الكتاب الذي يستنسخ منه الكتب التي أنزلت على الأنبياء والرسل؛ وهو في اللوح المحفوظ.

وفيه دلالة أن اختلاف الألسن لا يوجب تغيير المعنى؛ لأنه لا يدري أن تلك الكتب في اللوح بأي لسان هي، ثم أنزل منه كل كتاب على لسان الرسول الذي نزل عليه، وكذلك الملائكة الذين يكتبون أعمال بني آدم؛ لا يحتمل أن يكتبوا بلسان الخلق؛ لأنه يظهر لو كانوا يكتبون بلسان هَؤُلَاءِ؛ فدل أنهم إنما يكتبون بلسان أنفسهم، فهذا كله يدل أن اختلاف اللسان لا يوجب اختلاف المعنى. واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40)

كأنه صلوات اللَّه وسلامه عليه طمع أو سأله أن يريه جميع ما وعد له من إنزال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015