الْإِيمَانَ) أي: أثبت؛ ليس أن كتب هنالك باليد، فعلى ذلك قوله: (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ) أي: إثبات إلى وقت.
ويحتمل قوله: لكل كتاب أجل؛ أي: لكل ما كتب له الأجل؛ وجعل له الوقت؛ من العذاب ينزل بالمعاندين والنصر للرسل؛ فإنه لا يكون قبل ذلك الوقت، ولا يتأخر أيضًا عن ذلك الوقت؛ وهو كقوله: (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً. . .) الآية.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39)
قال قائلون: قوله: (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ) المحو - هاهنا -: أن أنشأه في الابتداء بمحو؛ ليس على أن كان مثبتًا فمحاه، ولكن أنشاه هكذا ممحوا؛ وهو كقوله: (فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ) ليس أنه كان منشأ كذا ثم محي؛ ولكن أنشأه في الابتداء ممحوًّا، وكقوله: (رَفَعَ السَّمَاوَاتِ) ليس أنها كانت موضوعة ثم رفعها؛ ولكن أنشأها مرتفعة كما هي، فعلى ذلك هذا.
ثم يحتمل ذلك الأعمال التي كانت معفوَّة في الأصل؛ من نحو أعمال الصبيان؛ والأعمال التي لا جزاء عليها.
وقال قائلون: على إحداث محو؛ ثم هو يحتمل وجوهًا: يحتمل: ما ينسخ من الأحكام - فهو على محو الحكم به؛ والعمل ليس على محو نفسه؛ (وَيُثْبِتُ): وهو ما لا ينسخ؛ ولا يترك العمل به والحكم.
ويحتمل المحو: محو الأحوال؛ وهو ما ينقل ويحول من حال إلى حال؛ من حال النطفة إلى حال العلقة، ومن حال العلقة إلى حال المضغة، يحوله وينقله من حال إلى حال أخرى؛ فذلك هو المحو.
ويحتمل المحو -أيضًا-: هو ما يختم به العمر؛ السعادة أو الشقاء: إذا كان كافرًا ثم أسلم في آخر عمره - محيت الأعمال التي كانت له في حال كفره؛ فأبدلت حسنات،