ويحتمل قوله: (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا) أي خروا له خاضعين له ذليلين، وقَالَ بَعْضُهُمْ: (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا) أي: خروا له سجدا، شكرا له؛ لما جمع بينهم ورفع ما كان بينهم، وهو قول ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا).
أي: حقق تلك الرؤيا التي رأيتها من قبل؛ وجعلها صدقًا لي، رأى يوسف رؤيا فخرجت رؤياه بعد حين ووقت وزمان طويل؛ فهذا يدل أن الخطاب إذا قرع السمع يجوز أن يأتي بيانه من بعد حين وزمان، ويجوز أن يكون مقرونًا به، وليس في تأخر بيان الخطاب تلبيس ولا تشبيه، على ما قال بعض الناس.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ) ذكر إحسانه إليه ومنته ولم يذكر محنته بالتصريح، إنما ذكرها بالتعريض، حيث قال: (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ)، ولم يقل: سجنت أو حبست، وأمثاله، ما كان ابتلاه اللَّه به.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ).
قيل: من البادية؛ لأنهم كانوا أهل بادية أصحاب المواشي.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي).
قَالَ بَعْضُهُمْ: نزغ: أي فرق أي: بعدما فرق الشيطان بيني وبين إخوتي، وكأن النزغ هو الإفساد؛ على ما ذكره أهل التأويل؛ أي: بعدما أفسد الشيطان بيني وبين إخوتي، وأضاف ذلك إلى الشيطان؛ لما كان قال لهم: لا تثريب عليكم حين أقروا له بالفضل؛ والخطأ في فعلهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ).
اللطيف: هو اسم لشيئين: اسم البر والعطف؛ يقال: فلان لطيف؛ أي بارّ عاطِف.
والثاني: يقال: لطيف؛ أي عالم بما يلطف من الأشياء ويصغر، كما يعلم بما يعظم ويجسم.
أو يقال: لطيف: أي يعلم المستور من الأمور الخفية على الخلق؛ كما يعلم الظاهرة منها والبادية، لا يخفى عليه شيء؛ يعلم السر وأخفى، يقال له: عظيم، ولطيف؛ ليعلم