الأنباء: نبأ بعد نبإ، وهو كالأول.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (الْحَقُّ) أي: في هذه الدنيا الحق؛ يعني: الآيات والحجج والبراهين لرسالته ودينه (وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) أي: جاءك ما تعظ به قومك، وتذكر به المؤمنين.
وقوله: (وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) خص المؤمنين بذلك لما يكون منفعة الموعظة والذكرى للمؤمنين، وإلا هو موعظة وذكرى للكل.
* * *
قوله تعالى: (وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (122) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ) المكانة هي: المنزلة والقدر، يقول: اعملوا أنتم على مكانتكم ومنزلتكم التي لكم عند أتباعكم، كأنه يخاطب به الأشراف منهم والرؤساء (إِنَّا عَامِلُونَ) على المكانة والمنزلة التي لنا عند اللَّه فننظر أينا أرجح؟ نحن أو أنتم؟ وأينا أخسر نحن أو أنتم؟
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ) يخرج على وجهين:
أحدهما: على التوبيخ والتخويف عندما بالغ في الحجاج فلم ينجع فيهم، فقال عند ذلك كقوله: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)، ونحوه.
والثاني: على الإعجاز مما أرادوا به من المكر والكيد بقوله: اعملوا ما تريدون وأنا أعمل.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَانْتَظِرُوا ... (122) أنتم بنا ذلك (إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) بكم ذلك.
أو يقول هذا لما كانوا يوعدونه ويخوفونه من أنواع الوعيد، فيقول: انتظروا بنا ذلك ما تخوفوننا إنا منتظرون بكم ما نخوفكم نحن، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123) قال بعض أهل التأويل: ولله غيب