مضت السنة من رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في بعث المصدقين إلى أحياء العرب والبلدان والآفاق لأخذ صدقات الأنعام والمواشي في مواضعها، وعلى ذلك فعل الأئمة من بعد: أبو بكر، وعمر، والأئمة الراشدون، وظهر العمل بذلك من بعدهم إلى هذا الوقت، حتى قال أبو بكر لما امتنعت العرب من إعطائه الزكاة: واللَّه لو منعوني عقالا كانوا يؤدونها إلى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - حاربتهم عليها. فذلك يؤيد ما ذكرنا من مطالبة الإمام أصحاب الأنعام والمواشي بزكاة أنعامهم ومواشيهم.

وقد بين اللَّه تعالى وجوب ذلك بيانًا شافيًا بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) الآية، فجعل للعاملين عليها حقًّا، فلو لم يكن على الإمام أن يطالب بصدقات الأنعام في أماكنها، وكان أداء ذلك إلى أرباب الأموال؛ ما كان لذكر العاملين وجه، ولم يبلغنا أن النبي بعث في مطالبة المسلمين بزكاة الورِق وأموال التجارة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015