وقَالَ بَعْضُهُمْ: سنعذبهم مرتين: عند الموت ضرب الملائكة الوجهه والأدبار؛ كقوله: (يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ)، وفي القبر منكر ونكير (ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ): في الآخرة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102)
قال عامة أهل التأويل: الآية نزلت في أبي لبابة وأصحابه، تخلفوا عن غزوة تبوك عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، فندموا على ذلك، واعترفوا، ورجعوا عن ذلك، وتابوا، فقبل الله توبتهم، ووعدهم المغفرة بقوله: (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
وذكر في بعض القصّة أنه لما رجع رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عن غزوته تلك جاء هَؤُلَاءِ الذين تخلفوا عنه بأموالهم إلى رسول اللَّه، فقالوا: يا رسول اللَّه، هذه أموالنا التي خلفتنا عنك، فخذها فتصدق بها عنا، فكره أن يأخذها، فقال: " لم أومر بذلك "، فنزل: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ)، وهذا الوعد لكل مسلم ارتكب ذنبًا لم يخرجه من الإيمان، ثم ندم على ذلك وتاب يرجو - واللَّه أعلم - أن يكون في وعد هذه الآية؛ لأنه ذكر المؤمنين وما هم عليه، وذكر المنافقين وما هم عليه، ثم ذكر الذين خلطوا أعمالهم الصالحة بأعمالهم السيئة ثم ندموا على ذلك وتابوا، وعد اللَّه لهم قبول التوبة والمغفرة.