وقَالَ بَعْضُهُمْ: (مَرَدُوا) أي: عتوا عليه وبالغوا فيه.
أخبر أنهم لشدة مكرهم وخداعهم وعتوهم (لَا تَعْلَمُهُمْ): أنت، (نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ)؛ لأن من المناففين من كان يعرفهم الرسول في لحن القول؛ كقوله: (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) ومنهم من كان يعرفهم في صلاته؛ كقوله: (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى)، ومنهم من كان يعرف نفاقه في تخلفه عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يعني: عن الغزو - فأخبر - عَزَّ وَجَلَّ - أن هَؤُلَاءِ لشدة عتوهم ومكرهم وفضل خداعهم لا تعرف نفاقهم، نحن نعرف نفاقهم.
ثم أخبر أنه سيعذبهم مرتين؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: القتل والسبي.
وعن الحسن قال: عذاب في الدنيا وعذاب في القبر.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: يعذبهم بالجوع والقتل.
وقال أبو بكر الأصم: قوله: (سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ) القتل والسبي قبل الموت، والعذاب الآخر يعذبون في القبر (ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ).
ويشبه أن يكون تعذيبه إياهم مرتين؛ حيث أخذوا بالإنفاق على المؤمنين وبينهم وبين المؤمنين عداوة، وأمروا أيضًا بالقتال مع الكفار وهم أولياؤهم؛ هذا أحد العذابين؛ لأنهم أمروا بالإنفاق على أعدائهم، وأمروا -أيضًا- أن يقاتلوا أولياءهم، والعذاب الثاني: القتل في القتال.
فَإِنْ قِيلَ: لم يذكر أن منافقًا قتل.
قيل: لم يذكر لعلة أنهم كانوا لا يعرفونهم؛ لقوله (لَا تَعْلَمُهُمْ)، فإذا لم يعرفوا فيقتلون كما يقتل غيرهم من المؤمنين، واللَّه أعلم.