وقوله: (وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ).
أي: عن الصلاة فيه.
ويحتمل أن يكونوا صدوا الناس عن رسول اللَّه، لكنه ذكر المسجد لما كان رسول الله فيه؛ لئلا يروا رسول اللَّه فيتبعوه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ).
أي: لم يكونوا أولياء ليصرفوا العذاب عن أنفسهم بالولاية، وهو صلة قوله: (وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ)، وهم ليسوا بأوليائه.
ويحتمل قوله: (وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ): أنهم كانوا يصدون الناس عن المسجد الحرام؛ لما ادعوا أنهم أولياؤه، وأنهم أولى بالمسجد الحرام منهم، أخبر أنهم ليسوا أولياءه، إنما أولياؤه المتقون الذين اتقوا ما أتوا هم، أو أولياؤه الموحدون، لا الذين أشركوا غيره في عبادته وألوهيته.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (35)
قَالَ بَعْضُهُمْ: كان أحسن حالهم التي هم عليها هي حال الصلاة، فإذا كان صلاتهم مكاء وتصدية فكيف حالهم في غير الصلاة؟!
وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً) وذلك أن النبي - عليه السلام - وأصحابه إذا صلوا في المسجد الحرام، قام طائفة من المشركين عن يمين النبي وأصحابه، فيصفرون كما يصفر المكاء، وطائفة تقوم عن يسارهم فيصفقون بأيديهم؛ ليخلطوا على النبي وأصحابه صلاتهم، فنزل قوله - تعالى -: (وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً).
ثم اختلف في المكاء والتصدية؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: المكاء: هو مثل نفخ البوق، التصدية هي طوافهم على الشمال