وقيل: مخرجًا في الدنيا والآخرة.
ويحتمل: (فُرْقَانًا) أي: بيانًا لما ذكرنا؛ جعل اللَّه - تعالى - التقوى مشتملة على كل خير، وأصلا لكل بر، وصيرها مخرجًا من كل شبهة، ومن كل ضيق وشدة، وجعلها سبيلًا يوصل به إلى كل لذة وسرور، وينال به كل خير وبركة؛ على ما ذكر في غير آي من القرآن.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ): التي سبقت، (وَيَغْفِرْ لَكُمْ) أي: يستر عليكم ذنوبكم، لا يطلع أحدًا عليها، وذلك من أعظم النعم، وأصل المغفرة: الستر.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
أي: عند اللَّه فضل؛ يعطيكم خيرًا مما تطمعون بالتقوى الذي ذكر.
* * *
قوله تعالى: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (31)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ)، من الناس من يقول بأن هذه الآية صلة قوله - تعالى -: (إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ)، كانوا ضعفاء أذلاء فيما بين الكفرة، خائفين فيما بينهم، فهموا أن يمكروا برسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، والمكر به ما ذكر من القتل والإثبات؛ وهو الحبس والإخراج؛ كأنهم تشاوروا فيما بينهم، واستأمروا ما يفعل به، فذكر في القصة أن بعضهم أشاروا إلى القتل، وبعضهم إلى الحبس، وبعضهم بالإخراج؛ فكأن مشاورتهم