(23)

بالاكتساب، ولم يكتسبوها، إنما لهم الحواس الظاهرة.

أو يقول: شر الدواب التي لم ينتفعوا بالذي ذكر من الحواس، وتركوا استعمالها، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23)

قيل: نزلت الآية في المردة من الكفرة.

وقال ابن عَبَّاسٍ: هم نفر من بني عبد الدار، كانوا يسألون رسول اللَّه آية بعد آية، وقد أعطاهم آية بعد آية قبل ذلك لم يقبلوها، فقال: (وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ) أنهم يقبلون جواب المسائل التي سألوا، لأوحى إليهم ولأسمعهم، ولكن علم أنهم وإن أسمعهم جواب مسائلهم - لا يقبلون.

وقالت المعتزلة: دلت الآية أنه قد أعطاهم جميع ما كان عنده، لكنهم لم يقبلوا؛ لأنه قال: (وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ)، فدل أنه لم يكن عنده ما يعطي، وإلا لو كان عنده ما يقبلون لأسمعهم.

لكن هذا بعيد؛ لأنه لم يقل: لو علم اللَّه عنده خيرًا لأسمعهم، ولكن قال: (وَلَو عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا)، فإنما نفى أن عندهم خيرًا.

والوجه فيه ما ذكرنا أنه لو علم فيهم خيرًا يعملون به لأوحى إليهم وأسمعهم، لكنه علم أنهم لا يقبلون بقوله: (وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ)، أي: مكذبون بجواب ما سألوا تعنتًا وتمردًا منهم، وأخبر أنهم يسألون سؤال تعنت وتمرد، لا سؤال استرشاد.

* * *

قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015