وسلم.

فقال قوم: إن أبا هريرة قال: انتهى الناس عن القراءة خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فيما جهر فيه.

فيقال: إن أبا هريرة لم يرو ذلك عن النبي.

ثم مما يدل على أن المؤتم لا يقرأ جهر الإمام أو خَافَتَ قول النبي: " ما لي أنازع القرآن؟ " وقد علمنا أن المؤتم لم يجهر بقراءته؛ فيتأول متأول منازعته النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - على أنه شغله؛ فلا وجه لقوله: " ما لي أنازع القرآن؟ " إلا بنهيه المؤتم عن أن يقرأ، جَهَرَ إمامُه أو خَافَتَ.

وقد روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ما يبين النهي عن القراءة خلف الإمام فيما يجهر فيه أو يخافت: ما روي عن عمران أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - صلى بأصحابه الظهر، فلما قضى صلاته قال: " أيكم قرأ بسبح اسم ربك الأعلى؟ " فقال بعض الناس: أنا يا رسول اللَّه، فقال: " قد عرفت أن بعضكم خالجنيها ".

فبين عمران بن حصين أن الرجل خافت بقراءته؛ دل أن النهي الذي رواه أبو هريرة لم يكن في حال جهر الإمام دون مخافتته، وأن المؤتم منهي عن القراءة خلف الإمام في كل الصلوات.

وقد روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بالنهي عن القراءة خلف الإمام أحاديث كثيرة منها: ما روي عن أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وعمران بن حصين عنه، وما روي عن عبد اللَّه: كنا نقرأ خلف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فقال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " خلطتم عليَّ القرآن ".

فَإِنْ قِيلَ: لعلهم كانوا يجهرون بالقرآن، فنهى عن الجهر.

قيل له: لم ينقل لنا في شيء من الأخبار أن المؤتمين كانوا يقرءون جهرًا، ولو كانوا يقرءون جاهرين، لأدّي ذلك إلينا كما أدّي أنهم كانوا يقرءون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015