إلى أنفس الأزواج وأنهن من أنفسهم خلقهن؛ كان قوله: (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) كل زوجة وزوج إذا تغشاها وحملت دعا آدم وحواء: (لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) إذ جميع الأولاد أولادهما، يدعون اللَّه في ذلك ليكون صالحًا؛ فمن كان مسلمًا منهما كان بدعائهما؛ فعلى هذا التأويل يحصل دعاؤهما لأولادهما الذين يولدون إلى يوم القيامة؛ لأنهما أب وأم، وقد يدعو الوالدان لأولادهما بالصلاح والخير؛ على هذا يجوز أن يخرج تأويل الآية، وأما ما قال أُولَئِكَ فهو بعيد محال، واللَّه أعلم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: إن العرب كان إذا ولد لهم أولاد ذكور ينسبون إلى الأصنام التي يعبدونها ويضيفون إليها؛ تعظيمًا لها؛ يقولون: ابن اللات، وابن العزى، وابن المناة، ونحو ذلك، وكانوا يقتلون البنات، وكان إذا أصابتهم الشدة يفزعون إلى الله ويتضرعون إليه؛ كقوله: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) وكقوله: (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ. . . .) الآية (وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ. . . .) الآية، فلما ذهب ذلك عنهم وانجلى عادوا إلى ما كانوا من قبلِ؛ كقوله: (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ)، وقوله: (ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ. . .) الآية، فإذا كان من عادة العرب ما ذكرنا، كان إذا حملت زوجة منهم وثقل ما في بطنها، جعلا يدعوان اللَّه ربهما لئن آتيتنا صالحًا ذكرًا وسلمت من الولادة (لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا) يعني: ذكرًا (جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ