أثقلت أتاها فقال: كيف تجدينك؟ قالت: إني لأخاف أن يكون الذي ذكرت، ما أستطيع القيام إذا قعدت إلا بجهد، قال: أفرأيت إن دعوت اللَّه يجعله إنسانًا مثلك ومثل آدم أتسمينه بي؟ قالت: نعم، فانصرف عنها، وقالت لآدم: لقد أتاني آت فخوفني بكذا، وإني لأخاف مما ذكر، فدعوا اللَّه في ذلك بقوله: (دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا)، يقول: جعلته إنسانًا (لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ)، فكان هذا دعاؤهما قبل أن تلد، فلما ولدت أتاها إبليس وقال: ألا تسمينه بي كما وعدتني؟ قالت: نعم، ما اسمك؟ قال: اسمي الحارث، فسمته: عبد الحارث؛ فذلك قوله: (فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا)؛ على هذا حمل أهل التأويل الآية وإلى آدم وحواء صرفوها، وذلك وخش من القول، قبيح في آدم وحواء ذلك، ولو ثبت ما قالوا: إنهما سميا ولدهما باسمه ونسباه إليه، لم يكن في ذلك إشراك؛ إذ لو كان في مثله إشراك لكان فيما أضاف العبيد والمماليك إلى الخلق إشراك في ألوهيته.
ثم التأويل عندنا على غير ما ذهبوا إليه - واللَّه أعلم - وهو أن قوله: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ) يعني: من آدم، (وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا): حواء، أي: خلق الذكور كلهم من آدم، وخلق الإناث كلهن من حواء؛ كقوله: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا)، أخبر أن الأزواج خلقهن من نفس الأزواج، فلما أضاف الزوجات