حملهم ذلك على السؤال عنها؛ ليتأهبوا لها ويستعدوا، زم أمره أن يقول: (إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ)، أي: لا يكشفها ولا يظهر وقتها إلا هو، ليس كالأمور التي تجري على أيدي الخلق، ويكون لغيره فيها تدبير من اخراج الثمار والنبات والأمطار، وغير ذلك من الأمور التي تجري على أيدي الخلق ويكون لهم فيها تدبير، أعني الملائكة الذين سلطوا على حفظ المطر والنبات، وأما الساعة فإنها تقوم من غير أن كان لأحد من الخلائق تدبير فيها أو علم، وهو ما وصفها اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ)، أخبر أن أمر الساعة خارج عن تدبير الخلق؛ بل تقوم بتدبير اللَّه من غير أن يجريها على يد أحدٍ، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ).
قيل: ثقلت على أهل السماوات والأرض.
ثم اختلف فيه: قال قائلون: قوله: (ثَقُلَتْ) أي: خفيت على أهل السماوات والأرض، فذكر الثقل؛ لأن كل من خفي عليه شيء ثقل عليه، فذكر أنها ثقيلة عليهم؛ لخفائها عليهم.
وقال قائلون: ثقل وقوعها على أهل السماوات والأرض؛ لكثرة أهوالها وشدة وقوعها.
وأمكن أن يكون قوله: (ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) على نفس السماوات والأرض؛ على ما ذكر في قوله: (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ) الآْية، وذلك من شدة هولها، ولكن إن كان على نفس السماوات والأرض، أي: لو كانت هي بحيث تعرف وتميز، وبنيتها بنية من يعرف ثقل شيء لثقلت عليها، وهو ما قلنا في قوله: (وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) والدنيا لا تغر أحدًا، أي: ما كان منها لو كان ممن يكون منه التغرير لكان تغريرًا؛ فعلى ذلك الأول.